<< السابق | التالي >> | المحتويات | بحث | الرئيسية

شبهات وردود
الحلقة الاولى : الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب حول العقيدة الإثني عشرية

المقدمة

هذه أوراق متواضعة تكفلت الرد على بعض الشبهات التي وجهت ضد الاسلام والتشيع .

وقصة إثارة الشبهات أمام التشيع بمفهومه الخاص  (1) قديمة وهي لا تنقطع إلا بظهور المهدي محمد بن الحسن العسكري (عجل الله فرجه) مؤيَّداً بالبراهين الالهية ومصدِّقا لحركة آبائه (عليهم السلام) وشيعتهموهي في ذلك نظير قصة إثارة الشبهات أمام رسالة محمد  (صلى الله عليه وآله) من قبل أهل الكتاب التي لا تنتهي إلا بظهور عيسى بن مريم (عليه السلام) مؤيداً بالبراهين الالهية ومصدِّقاً برسالة محمد  (صلى الله عليه وآله) ومتعبداً بشريعته .

وكما لم يؤمن أكثر أهل الكتاب برسالة الاسلام على الرغم من وضوح دلائل صدقها ، وراحوا يثيرون الشبهة تلو الشبهة على مر القرون وقابلهم علماء المسلمين بالرد على شبهاتهم إتماماً للحجة وإزاحةً للعقبة من طريق الحق (لِّيَهْلِك مَنْ هَلَك عَن بَيِّنَة وَ يَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة) الانفال/42 .

كذلك لم يتشيع أكثر المسلمين لاهل البيت (عليهم السلام) ولم يقفوا عليهم في الحلال والحرام على الرغم من تواتر حديث الغدير وحديث الثقلين وحديث المهدي (عليه السلام)وصحة حديث «الائمة من بعدي اثنا عشر» وغيرها . وراحوا يثيرون الشبهة تلو الاخرى تارة بتضعيف سند الحديث وأخرى بتحريف دلالته وثالثة بدفع واقعه التطبيقي ، وقد قابلهم علماء الشيعة بالرد على شبهاتهم إتماماً للحجة وإزاحة للعقبة من طريق الحق (لِّيَهْلِك مَنْ هَلَك عَن بَيِّنَة وَ يَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة) الانفال/42 .

وعلى الرغم من دور الشبهة السلبي في تطويق انتشار الحق ومحاصرة أهله / وهو الهدف من إثارتها / فإن للشبهة دوراً إيجابياً في تحريك أهل الحق وبعث هممهم للبحث و التنقيب ومن ثم إغناء الساحة الفكرية بما يزيد الحقيقة جلاءً ووضوحاً وهو هدف غير مقصود من قبل أصحاب الشبهة .

فهل ينسى دور شبهات المبشرين في بعث همة العالم السني محمد رحمة الله العثماني  (2) ليؤلف كتابه (إظهار الحق) .

أو ينسى دور شبهاتهم وردودهم في كتابهم (الهداية) على كتابه (إظهار الحق) في بعث همة العالم الشيعي محمد جواد البلاغي ليؤلف (الهدى إلى دين المصطفى) و (الرحلة المدرسية) .

أو ينسى دور شبهات الزيدية في فترة الغيبة الصغرى في بعث همة الشيخ النعماني (ت362هـ) ليؤلف كتاب (الغيبة) أو الشيخ محمد بن علي بن بابويه (ت381هـ) ليؤلف كتابه (إكمال الدين) .

أو ينسى دور شبهات كتاب (المغني)  (3) للقاضي عبد الجبار في بعث همة السيد المرتضى (ت436هـ) ليؤلف كتابه (الشافي في الامامة)  (4) .

أو ينسى دور شبهات كتاب (التحفة الاثنا عشرية) تأليف شاه عبد العزيز الدهلوي الهندي  (5) في بعث همة السيد مير حامد حسين الهندي (ت1306هـ) ليؤلف كتابه (عبقات الانوار)  (6) .

أو ينسى دور شبهات حاول أصحابها ربط ظهور التشيع بمفهومه الخاص بعبد الله بن سبأ في بعث همة العلامة الاميني ليؤلف موسوعته (الغدير) وفي بعث همة العلامة العسكري ليؤلف كتاب (خمسون ومأة صحابي مختلق) وكتاب (رواة مختلقون) وكتاب (عبد الله بن سبأ)  (7) .

وهكذا فان فرائد الكتب والدراسات في حقل النبوة والامامة والسيرة والتاريخ إنما هي نتائج البحث في رد الشبهات .

ولا أزعم أنني في هذه الاوراق سوف أقدم نظير ما قدمه أولئك الفطاحل ولكني أحاول ان أيسر للباحث عن الحقيقة بعض ما قدموه بشكل مختصر وبخاصة وان الشبهات هي الشبهات وان كتّابها ومثيريها يأخذ بعضهم من بعض في أغلب الاحيان .

اخترت قارئي الكريم للحلقات الاولى من أوراق الرد هذه شبهات وشكوكاً أثارها احمد الكاتب حول الشيعة والتشيع في نشرته (الشورى)  (8) وكتبه الثلاثة المتداولة بالدسك الكومبيوتري . فقد انكر ولادة المهدي محمد بن الحسن العسكري (عليهما السلام) وغيبتة وجعل القول بذلك من ابتكار النواب الاربعة ، ونفى أيضاً صحة الاحاديث النبوية في الائمة الاثني عشر الواردة عند الشيعة والسنة وادعى ان العقيدة باثني عشر إماماً لم يكن لها أثر في القرن الثالث الهجري وانها كانت وليدة القرن الرابع الهجري هذا مضافاً إلى نفيه القول بأصل الوصية والنص على الائمة المعصومين بعد النبي وربط ذلك بعبد الله بن سبأ .

وهذه الشبهات وغيرها وان كانت تكراراً لشبهات الزيدية والمعتزلة وأهل التسنن وقد كتب علماؤنا في الرد عليها آلاف الصفحات ومئات الكتب غير أني كما قلت آنفاً أحاول في هذه الاوراق ان اختصر الرد وأيسره لطلاب الحقيقة وبخاصة وان كثيراً منهم لا يتسع وقته لمراجعة مطولات الكتب ولا مختصراتها .

وقد كرست فاتحة هذه الحلقات لتسع شبهات مما أثاره حول العقيدة الاثني عشرية لنكات لا تخفى على القارىء اللبيب أرجو ان لا يذهب وقته معها سدىً وان يغتفر لي نواقصها والله ولي التوفيق .

سامي البدري

قم المشرفة

17 ربيع الاول 1417هجري

______________________

(1) ويتمثل هذا المفهوم بالاعتقاد باثني عشر حجة معصوما بعد النبي لهم منزلته في كل شىء إلا النبوة والازواج مع إلحاق الزهراء (عليها السلام) بهم في هذه المنزلة دون خصوصية الحكم ، والاعتقاد بان المهدي المنتظر الذي بشَّر به النبي (صلى الله عليه وآله) هو محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) المولود سنة (255 هـ) وانه قد غاب بأمر الله تعالى غيبتين إحداهما صغرى كان له فيها نواب أربعة يعرف خبره وأمره بواسطتهم ، توفي آخرهم سنة 329 هـ وبوفاته بدأت الغيبة الكبرى وانقطع خبره فيها ، وقد أمر شيعته بالرجوع في عصر الغيبة الكبرى إلى رواة الاحاديث الفقهاء العدول حيث روي عنه (عليه السلام) انه قال «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» وأمرهم أيضاً كما أمرهم آباؤه من قبل بانتظار الفرج بظهوره في آخر الزمان وإلى جانبه عيسى (عليه السلام) ليحقق الله بهما وعلى أيديهما أروع عهد ينتظره المؤمنون . (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ) الانبياء/105 (وَإِن مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) النساء/159 . ويستلزم هذا المفهوم تولي هؤلاء الحجج والبراءة من أعدائهم وبخاصة الذين ناصبوهم العداوة ودفعوهم عن مقامهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله ورسوله ، بها وفي قبال هذا المفهوم الخاص للتشيع هناك مفهوم عام تبناه أهل السنة وأرادوا به تفضيل علي (عليه السلام) على عثمان ، أو تفضيل علي (عليه السلام) على أبي بكر وعمر وقد وصفوا هذا التشيع بالبدعة الصغرى وسموا النوع الثاني منه بالتشيع الغالي ، أما المفهوم الخاص فقد سموه بـ(الرفض) والبدعة الكبرى وسموا أصحابه بالرافضة وأسقطوا الاحتجاج برواياتهم بدعوى ان الرافضة يحُطّون من منزلة أبي بكر وعمر (أي يصغِّرون من منزلتهم . (انظر ميزان الاعتدال للذهبي ترجمة ابان ابن تغلب ومقدمة تهذيب التهذيب لابن حجر) .

(2) وقد ألف كتابه بعد المحاورة بينه وبين أحد المبشرين النصارى في الهند ويدعى (فاندر) سنة (1270 هـ - 1854 م) . والكتاب من غرر الكتب في بابه مطبوع في مجلدين ثم ألف جماعة من المبشرين كتاب (الهداية) رداً عليه وقد طبع كتاب (الهداية) في مصر سنة 1899م ، ثم كتب العلامة البلاغي رحمه الله (ت 1933م) (الهدى إلى دين المصطفى) في مجلدين و(الرحلة المدرسية) في مجلد واحد رداً على كتاب الهداية .

(3) الجزء المتم للعشرين خاص بالامامة للرد على الشيعة .

(4) وهو مطبوع في أربعة أجزاء حققه العلامة عبد الزهراء الحسيني الخطيب .

(5) وهو مطبوع في أربعة أجزاء حققه العلامة عبد الزهراء الحسيني الخطيب .

(6) قال العلامة السيد محسن الامين (رح) في أعيان الشيعة ج18/371 (عبقات الانوار في إمامة الائمة الاطهار بالفارسية لم يكتب مثله في السَّلَف والخَلَف) وقد طبعت عدة من أجزائه ، وجاء حديث الثقلين وحده في ستة مجلدات وقد عرّبه واختصره العلامة السيد علي الميلاني فكان حديث الثقلين في مجلدين ، وحديث الغدير في أربعة مجلدات وقد بلغ المختصر المعرَّب من عبقات الانوار اثني عشر مجلداً ولمّا يكمل بعد .

(7) لا زال كتاب رواة مختلقون والجزء الثالث من عبد الله بن سبأ والجزء الثالث من خمسون ومائة صحابي مختلق لما تعد للطبع بعد لانشغال المؤلف - أمد الله في عمره - بغيرها .

(8) صدر منها لحد صدور الطبعة الاولى من هذا الكتاب أحد عشر عدداً .

<< السابق | التالي >> | المحتويات | بحث | الرئيسية

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري