السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية

الحلقة الثالثة - صفحة 77

المورد السابع:

رواية مكذوبة على الإمام علي (ع)

قوله:

ان عليا (ع) قال انا دخلنا على رسول الله (ص) فقلنا استخلف فقال لا ، اخاف ان تفرقوا عنه.. وان وصية علي(ع) للحسن وصية اخلاقية روحية.

اقول:

الرواية التي اوردها لم تكن من تراث الشيعة وقد ردَّ عليها الشريف المرتضى وقال ان الإمام عليا (ع) اوصى الى ابنه الحسن (ع) واشار اليه واستخلفه.


صفحة 79

نص الشبهة

قوله: "ويتجلى ايمان الامام علي بالشورى دستورا للمسلمين بصورة واضحة، في عملية خلافة الامام الحسن، حيث دخل عليه المسلمون، بعدما ضربه عبدالرحمن بن ملجم، وطلبوا منه ان يستخلف ابنه الحسن، فقال: لا، انا دخلنا على رسول الله فقلنا: استخلف، فقال: لا: اخاف ان تفرقوا عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن ، ولكن ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يختر لكم " ص 15 - 16 .

 

الرد على الشبهة

1 . اقول ان الرواية التي أوردها ونسبها إلى الشافي رواية عامية رواها القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني) ، وقد أورد القاضي المعتزلي رواية أخرى رواها عن أبي وائل شقيق بن سلمة والحكم عن علي بن أبي طالب (ع) انه قيل له ألا توصي . قال : ما أوصى رسول الله (ص) فأوصي ، ولكن ان أراد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على


صفحة 80

خيرهم) الشافي ج3/91 نقلا عن المغني وقد أجاب عنهما السيد المرتضى بقوله :

(ان الخبر الذي رواه عن أمير المؤمنين ، لما قيل له ألا توصي فقال : (ما أوصى رسول الله (ص) فأوصي ، ولكن ان أراد الله تعالى بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم) ، فمتضمن لما يكاد يعلم بطلانه ضرورةًً .

والظاهر من أحوال أمير المؤمنين ، والمشهور من اقواله وأفعاله جملةً وتفصيلاً يقتضي انه كان يقدم نفسه على أبي بكر وغيره من الصحابة ، وانه كان لا يعترف لأحدهم بالتقدم عليه .

ومن تصفح الأخبار والسير ، ولم تمل به العصبية والهوى ، يعلم هذا من حاله على وجه لا يدخل فيه شك .

ولا اعتبار بمن دفع هذا ممن يفضِّل عليه لأنه بين أمرين.

إما ان يكون عاميا أو مقلِّداً لم يتصفح الأخبار والسير وما روي من أقواله وأفعاله ولم يختلط بأهل النقل ، فلا يعلم ذلك.

أو يكون متأملا متصفحاً إلا ان العصبية قد استولت عليه ، والهوى قد ملكه واسترقه ، فهو يدفع ذلك عناداً ، وإلا فالشبهة مع الإنصاف زائلة في هذا الموضع .

على انه لا يجوز ان يقول هذا من قال رسول الله (ص) فيه باتفاق


صفحة 81

(اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر)  (1) فجاء عليه السلام من بين الجماعة فأكل معه .

ولا من يقول النبي (ص) لابنته فاطمة (ع) (ان الله عز وجل اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها رجلين جعل احدهما أباك والآخر بعلك)  (2) .

وقال صلى الله عليه وآله فيه (علي سيد العرب)  (3) .

و(خير أمتي)  (4) .

و(خير من اخلف بعدي)  (5) .

ولا يجوز ان يقول هذا من تظاهر الخبر عنه بقوله صلوات الله


(1) حديث الطير رواه جماعة من العلماء كالترمذي ج2/229 والنسائي في خصائصه ص 5 والحاكم في مستدركه ص/130و131 وابو نعيم في حليته 6/339 ، والخطيب في تاريخه 3/171 ، والمتقي في كنزه 6/406 والهيثمي في مجمعه 9/125 و126 .

(2) انظر كنز العمال 6/153 ومستدرك الحاكم 3/129 ، وفي مسند احمد 5/26 (واما ترضين ان زوجتك خير امتي) .

(3) مستدرك الحاكم 3/124 ، حلية الاولياء 1/63 و5/38 وفيهما (فقالت عائشة الست سيد العرب ؟ قال : انا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب).

(4) مسند الامام احمد .

(5) كنز العمال 6/154 .


صفحة 82

عليه وقد جرى بينه وبين عثمان كلام فقال له : أبو بكر وعمر خير منك ، فقال (أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما)  (1) .

ومن قال : (نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد)  (2) .

وروى عن عائشة في قصة الخوارج لما سألها مسروق فقال لها بالله يا أمه لا يمنعك ما بينك وبين علي ان تقولي ما سمعت من رسول الله (ص) فيه وفيهم قالت سمعت رسول الله (ص) يقول : (هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة) .

إلى غير ذلك من أقواله (ص) فيه التي لو ذكرناها اجمع لاحتجنا إلى مثل جميع كتابنا ان لم يزد على ذلك .

وكل هذه الأخبار التي ذكرناها فهي مشهورة معروفة ، قد رواها الخاصة والعامة بخلاف ما ادعاه مما يتفرد به بعض الأمة ويدفعه باقيها .

وبعد ، فبإزاء هذين الخبرين الشاذين اللذين رواهما في ان أمير المؤمنين (ع) لم يوص كما لم يوص رسول الله (ص) الأخبار التي ترويها الشيعة من جهات عدة ، طرق مختلفة المتضمنة انه عليه السلام وصّى


(1) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 20/262 .

(2) كنز العمال 6/218 .


صفحة 83

إلى الحسن ابنه ، وأشار إليه واستخلفه ، وارشد إلى طاعته من بعده ، وهي اكثر من ان نعدها ونوردها .

فمنها ، ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر (ع) ان أمير المؤمنين لما ان حضره الذي حضره قال لأبي الحسن (ع) : (ادن مني حتى اسر إليك ما اسر إلي رسول الله (ص) ، وائتمنك على ما ائتمنني عليه) .

وروى حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : (أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن عليه السلام واشهد على وصيته الحسين ومحمداً

عليهما السلام وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثم دفع إليه الكتب والسلاح) في خبر طويل يتضمن الأمر بالوصية في واحد بعد واحد إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام وأخبار وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه السلام واستخلافه له ظاهرة مشهورة بين الشيعة واقل أحوالها واخفض مراتبها ان يعارض ما رواه ويخلص ما استدللنا به  (1).


(1) الشافي ج3/99-102 .

 السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية