![]() |
![]() |
الباب الرابع : آثار نهضة الحسين (عليه السلام) وشهادته
الفصل الثاني : تتابع الثورات وانهيارالحكم الأموي
قال البلاذري وهويترجم لزيد بن علي(رحمه الله): وقرأت في كتب سالم كاتب هشام كتاباً نسخته:
(أمّا بعد فقد عرفت حال أهل الكوفة في حبِّهم أهل البيت ووضعهم إيّاهم في غير مواضعهم لإفتراضهم على أنفسهم طاعتهم ووظَّفوا عليهم شرائع دينهم) ونحلتهم إيّاهم عظيم ما هوكائن ممَّا استأثر الله بعلمه دونهم حتّى حملوهم على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة. وقد قَدِم زيد بن علي على أمير المؤمنين في خصومة فرأى رجلاً جدلاً لسناً حوَّلاً قلَّباً
قال البلاذري: وكتب زيد الى أهل الآفاق كتبا يصف فيها جور بني أمية وسوء سيرتهم ويحضهم على الجهاد ويدعوهم إليه وقال: لا تقولوا :خرجنا غضبا لكم، ولكن قولوا : (خرجنا غضبا لله ودينه).
وكان (زيد) إذا بويع قال: أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسم هذا الفئ على أهله ورد المظالم وإقفال الُمجَمَّرة ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب، أتبايعون على هذا؟ فيبايعونه ويضع يده على يد الرجل؟ثم يقول :عليك عهد الله وميثاقه لتفينَّ لنا ولتنصحنَّ في السر والعلانية والرخاء والشدة والعسرة واليسرة فيماسح على ذلك
قال البلاذري: وبعث يوسف بن عمر إلى ام إمرأة لزيد أزدية، فهدم دارها وحملت إليه، فقال لها :أزوَّجتِ زيدا؟ قالت: نعم زوجته وهو سامع مطيع، ولوخطب إليك إذ كان كذلك لزوَّجته. فقال شُقّوا عليها ثيابها، فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول: ما أنت بعربي تعرِّيني وتضربني لعنك الله، فماتت تحت السياط، ثم أمر بها فأُلقيت في العراء، فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.
وأخذ إمرأة قوَّت زيدا على أمره، فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها... وضرب عنق زوجها.
وضرب إمرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط.
وهدم دورا كثيرة.
وأُتِيَ يوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد (وكان زوَّجَ ابنته من يحيى بن زيد) فقال له يوسف: ائتني بابنتك، قال :وما تصنع بها جارية عاتق
قال البلاذري: ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال: يا أهل المِدْرَة الخبيثة ! (والله ما يقعقع لي بالشِّنان ولا تقرن بي الصعبة) لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون، فإنكم أهل بغي وخلاف، ولقد سألت أمير المؤمنين أن يأذن لي فيكم ولوفعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساءكم. إن يحيى بن زيد
قال الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لما قتل زيد بن علي (عليه السلام) في سنة اثنتين وعشرين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك.
وذلك أن هشاما كتب إلى عامله بالبصرة ـ وهو القاسم بن محمد الثقفي ـ أن يشخص كل من بالعراق من بني هاشم إلى المدينة خوفا من خروجهم. وكتب إلى عامل المدينة أن يحبس قوما منهم، وأن يعرضهم في كل أسبوع مرة، ويقيم لهم الكفلاء على ألا يخرجوا منها.
فقال الفضل بن عبد الرحمن من قصيدة له طويلة:
كلما حُدِّثوا بأرض نقيقا *** ضمَّنونا السجون أو سيَّرونا
أشخصونا إلى المدينة أسرى *** لا كفاهمُ ربي الذي يحذرونا
خلفوا أحمد المطهَّر فينا *** بالذي لا يحب، واستضعفونا
قتلونا بغير ذنب إليهم *** قاتل الله أمة قتلونا!
ما رعَوْا حقنا ولا حفظوا *** فينا وصاة الاله بالاقربينا
جعلونا أدنى عدو إليهم *** فهم في دمائنا يسبحونا
أنكروا حقنا وجاروا علينا *** وعلى غير إحنة أبغضونا
غير أن النبي منا وأنا *** لم نزل في صلاتهم راغبينا
إن دعونا إلى الهدى لم يجيبونا *** وكانوا عن الهدى ناكبينا
أو أمرنا بالعرف لم يسمعوا منا *** وردوا نصيحة الناصحينا
ولقِدْماً ما رد نصح ذوي الرأي *** فلم يتبعهم الجاهلونا
فعسى الله أن يديل أناسا *** من أناس فيصبحوا ظاهرينا!
فتقر العيون من قوم سوء *** قد أخافوا وقتلوا المؤمنينا
ليت شعري هل توجِفَنْ بيَ *** الخيلُ عليها الكماة مستلئِمينا
من بني هاشم ومن كل حي *** ينصرون الاسلام مستنصرينا
في أناس آباؤهم نصروا الدين *** وكانوا لربهم ناصرينا
تحكم المرهفات في الهامِ *** منهم بأكف المعاشر الثائرينا
أين قتلى منا بغيتم عليهم *** ثم قتلتموهم ظالمينا
إرجعوا هاشما وردوا ابا اليقـ *** ـظان وابن البديل في آخرينا
وارجعوا ذا الشهادتين وقتلى *** أنتم في قتالهم فاجرونا
ثم ردوا حجرا وأصحاب حجر *** يوم أنتم في قتلهم معتدونا
ثم ردوا أبا عمير وردوا لي *** رشيدا وميثما والذينا
قتلوا بالطف يوم حسين *** من بني هاشم، وردوا حسينا
أين عمرو وأين بشر وقتلى *** معهم بالعراء ما يدفنونا
ارجعوا عامرا وردوا زهير *** ثم عثمان، فارجعوا عازمينا
وارجعوا الحر وابن قين وقوما *** قتلوا حين جاوزوا صفّينا
وارجعوا هانئا وردوا إلينا *** مسلما والرواع في آخرينا
ثم ردوا زيدا إلينا وردوا *** كل من قد قتلتم أجمعينا
لن تردوهم إلينا ولسنا *** منكم غير ذلكم قابلينا
______________________________________
(1) رجل حوَّل : ذو حيل ، كتاب العين.
(2) إلى هنا ينتهي نصّ الكتاب لدى البلاذري ج3/434.
(3) تاريخ الطبري (ج 7/170 -171)ولم يذكر الطبري مصدره الذي أخذ الرواية عنه.
(4) انساب الأشراف(ج3/434-435).
(5) العاتق: الجارية أول ما أدركت.
(6) ترجم البلاذري ليحيى بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان في انساب الاشراف (ج3/453-458).
(7) انساب الأشراف ج3 /448-450.
(8) الكماة: الشجعان. والمستلئم: لابس اللامة، وهى: الدرع في الحرب.
(9) المرهفات: السيوف. والهام: الرؤوس.
![]() |
![]() |