لامية أبي طالب

قال الإمام الصادق عليه السلام : كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب عليه السلام ، وأن يدوَّن ، وقال تعلَّموه وعلِّموه أولادكم فإنّه كان على دين الله وفيه علم كثير (1) .

ومن مشهور شعره قصيدته اللامية التي قال عنها ابن كثير : هي قصيدة بليغة جداً لا يستطيع أن يقولها إلاّ من نسبت إليه وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى (2) وفيما يلي ما انتخبه البغدادي منها (3) مع شرحه لها :

خَليلَيَّ   ما   أُذُنِي    لأوَّلِ    عاذل

       صَغواءَ  في  حَقٍّ  ولا عِنْدَ باطِلِ (4)

خَليلَيَّ   إِنَّ   الرِّأْيَ   لَيْسَ   بِشِرْكَة

       ولا  نَهْنَه  عِنْدَ   الأُمورِ  البَلابِلِ (5)

وَلَمَّا   رَأَيْتُ   القَوْمَ   لا   وُدَّ  فيهِمُ

       وقَدْ  قَطَعُوا  كُلَّ العُرى وَالوَسائِل (6)

وَقَدْ   صارَحُونا    بالعَدواةِ   وَالأَذى

       وَقَدْ  طاوَعُوا أَمْرَ العَدوَّ  المُزايِل (7)

وَقَدْ   حالَفُوا    قَوْماً    عَلَيْنا   أَظِنَّةً

        يَعَضُّونَ غَيْظاً   خَلْفَنا   بِالأَنامِلِ (8)

صَبْرتُ  لَهم  نَفْسِي  بِسَمْراءَ  سَمْحَة

        وأَبْيَضَ عَضْب مِنْ تُراثِ المَقاوِلِ(9)

وأَحْضَرْتُ عِنْدَ البَيْتِ رَهْطي وإِخْوَتِي

        وأَمْسَكْتُ مِنْ  أَثْوابِهِ بِالوَصائِلِ (10)

قِياماً   مَعاً       مُسْتَقْبِلينَ    رِتاجَهُ

         لَديَّ حَيْثُ يِقْضي حَلْفَهُ كُلُّ نافِلِ(11)

أَعُوذُ  بِرَبِّ   النَّاسِ  مِنْ  كُلِّ طاعِن

         عَلِيْنا  بِسُوء  أَوْ  مُلِحٍّ   بِباطِلِ (12)

ومِنْ   كاشِح   يَسْعى    لَنا   بِمَعيبَة

       ومِنْ مُلحِق في الدِّين مالَمْ نُحاوِلِ(13)

وثَور   ومَنْ   أَرْسَى   ثَبيراً  مَكانَهُ

          وَراق  لِبِر  في  حِراءَ  ونازِلِ (14)

وبالبَيْتِ ، حَقُّ  البَيْتِ  مِنْ  بَطْنِ مَكَّةَ

          وبالله     إِنَّ      الله    لَيْسَ  بِغافِلِ

وبالحَجَرِ    المُسْوَدِّ    إِذْ  يَمْسَحونَهُ

          إذِ  اكْتَنَفُوهُ  بالضُحى والأَصائِل(15)

وَمَوْطِئِ  إِبْراهيمَ  في الصَّخْرِ رَطْبَةً

          عَلى   قَدَمَيْه ِ  حافِياً غَيْرَ ناعِلِ (16)

ومَنْ  حَجَّ  بَيْتَ  اللهِ  مِنْ  كُلِّ راكِب

          ومِنْ  كُلِّ  ذِي  نَذْر ومِنْ  كُلِّ راجِلِ

فَهَلْ   بَعْدَ   هذا   مِنْ   مَعاذ   لِعائِذ

          وَهلْ  مِنْ مُعيذ يَتَّقي اللهَ عاذِلِ (17)

يُطاعُ  بِنا  العُدّى  ،  وَوَدُّوا  لَوْ  أَنَّنا

          تُسَدُّ   بنا أبوابُ ترك  وكابُلِ (18)

كَذَبْتُمْ   وَبَيْتِ    اللهِ     نَتْرُكَ   مَكَّةَ

          ونَظْعَنُ   إلاّ أمْرُكُمْ في بَلابِلِ (19)

كَذَبْتُم   وبَيْتِ    اللهِ    نُبْزى  مُحمَّداً

          ولمّا  نُطا عِن  دُونَه  ونُناضِلِ(20)

ونُسْلِمُه    حتى     نُصرَّعَ    حَوْلَهُ

          ونَذهَلُ  عَنْ  أَبْنائِنا والحَلائِلِ (21)

وينْهَضَ    قَوْمٌ    في  الحَديدِ   إليْكُمُ

       نُهوضَ الرَّوايا تَحْتَ ذاتِ الصَّلاصِل(22)

وحتَّى  نَرَى  ذَا  الضِّغْنِ يَرْكَبُ رَدْعَهُ

      مِنَ الطَّعْنِ فِعْلَ الأَنْكَبِ المُتَحامِلِ(23)

وإنَّا   لَعْمرُ   اللهِ   إِنْ   جَدَّ  ما  أَرَى

         لَتَلْتَبِسَنْ     أسْيافَنا     بالأماثِلِ (24)

بِكَفَّيْ   فَتىً   مِثْلُ   الشِّهابِ  سَمَيْدَع

         أَخِي  ثِقَة  حامِي الحَقيقَةِ باسِلِ (25)

وَما  تَرْكُ  قَوم  لا  أبا   لكَ ،  سَيِّداً

        يحوطُ الذِّمارَ غَيْرَ ذَرْب مُواكِلِ(26)

وأبْيضَ   يُسْتَسْقى   الغَمامُ    بِوَجْهِهِ

        ثِمالَ   اليَتامى عِصْمَةٌ للأرامِلِ (27)

يَلوذُ  بِهِ   الهُلاّكُ   مِنْ    آلِ  هاشِم

         فَهُمْ  عِنْدَهُ في رَحْمَة وفَواضِلِ (28)

جَزَى  اللهُ  عَنّا   عَبْدَ  شَمْس  وَنَوْفَلاً

        عُقوبَةَ شَرٍّ عاجِلاً غَيْرَ  آجِلِ (29)

بِميزانِ    قِسْط    لا   يُخِسُّ  شَعيرَةً

         لَهُ شاهِدٌ مِن نَّفْسِهِ غَيْرُ عائِلِ (30)

ونَحْنُ    الصَّميمُ   مِنْ   ذُؤابةِ  هاشِم

       وآلُ قُصَيّ في الخُطوبِ الأوائِلِ(31)

وسَهْمٌ    ومَخْزومٌ     تمالَوْا   وألَّبوا

       عَلَيْنا العِدا مِن كُلِّ طِمْل وخامِلِ (32)

ورهطُ  نُفَيْل  شَرُّ  مَن  وَطِئَ الحَصى

       والأمُّ   حاف    مِن    مَّعَدٍّ  وناعِلِ

فأَبْلِغْ    قُصيّاً    أنْ    سَيُنْشَرُ  أمْرُنا

        وبشِّرْ  قُصيَّاً  بَعْدَنا  بالتَّخاذُلِ (33)

فكلُّ   صديق    وابنِ    أُخْت   نَعِدُّه

         لَعَمْري وَجَدْنا غِبَّهُ غيرَ طائِلِ (34)

سِوى  أنَّ  رَهْطاً  مِن  كِلابِ ابن مُرَّة

        بُراءٌ  إليْنا  مِن  مَعَقَّةِ  خاذِلِ (35)

ونِعْمَ  ابنُ  أُخْتِ  القَوْمِ   غيرَ  مُكَذَّب

        زُهَيْرٌ حُساماً مُفْرداً مِنْ حَمائِل(36)

أشَمُّ   مِنَ   الشُّمِّ   الب َهاليلِ   يَنْتَمي

        إلى حَسَب في حَوْمَةِ المَجْدِ فاضِلِ(37)

لَعَمري   لَقَدْ   كُلِّفتُ  وَجداً    بأحمد

        وإخْوَتِهِ دَأبَ المُحِبِّ المُواصِلِ (38)

فلا  زالَ  في   الدُّنْيا   جَمالاً  لأهْلِها

        وزَيْناً  لِمَنْ والاهُ ذَبُّ المَشاكِلِ (39)

فَمَنْ   مِثْلُهُ  في   النّاسِ  أىُّ   مُؤَمَّل

         إذا قاسَهُ الحُكّامُ عِنْدَ التَّفاضُلِ (40)

حَليمٌ   رَشيدٌ    عادِلٌ    غُيْرُ  طائِش

         يُوالي  إلهاً  ليسَ عَنْهُ بِغافِلِ (41)

فأيَّدَه    رَبُّ       العِبادِ     بِنَصْرِهِ

          وأظهَرَ  ديناً حَقُّه غَيرُ  باطِلِ (42)

لقَدْ   عَلِمُوا   أنَّ     ابْنَنا  لا مُكذَّبٌ

         لَدَيْنا ، ولا يُعْنى بِقَوْلِ الأباطِلِ (43)

______________________

(1) أبو طالب حامي الرسول ص190 عن الحجة على الذاهب ص25 ، تاريخ اليعقوبي .

(2) البداية والنهاية ج2 ص71 .

(3) ما عدا أبيات يسيرة اضفناها من سيرة ابن هشام لأهميتها وقد اعتمدنا شرح البغدادي إلاّ في مواضع خاصة نبهنا عليها والقصيدة رواها ابن هشام في كتابه السيرة ج1 ص272ـ280 .

(4) الصغو : الميل . واصغيت إلى فلان : اذا ملت بسمعك نحوه .

(5) أراد ان الرأي الجيد يكون بمشاركة العقلاء ، فإن لم يتشاركوا : بأن كانوا متباغضين لم ينتج شيئا والرأي ما لم يتخمر في العقول كان فطيراً . والنهنه بنونين وهاءين كجعفر : المضى والنيّر الشفاف الذي يظهر الاشياء علي جليتها وأصله الثوب الرقيق النسج ، ومن شأنه ان لا يمنع النظر إلى ما وراء ، وهـو معطوف على شركة . والبلابل اما جمع بلبلة بفتح الباءين ، او جمع بلبال بفتحهما ، وهما بمعنى الهم ووساوس الصدر ، كزلازل جمع زلزلة وزلزال بالفتح ، وهو اما على حذف مضاف أي ذات البلابل ، او انها بدل من الامور .

(6) أراد بالقوم كفار قريش . والعُرا : جمع عروة وهي معروفة ، واراد بها هنا ما يتمسك به من العهود مجازاوالوسائل : جمع وسيلة وهي ما يتقرب به .

(7) صارحونا : كاشفونا بالعداوة صريحا ، والمزايل : اسم فاعل من زايله مزايلة وزيالا : فارقه وباينه وانما يكون العدو مفارقا اذا صرح بالعدواة فلا تمكن العشرة . ومن قال : المزايل : المعالج ، وظنه من المزاولة لم يصب .

(8) التحالف : التعاهد والتعاقد على ان يكون الأمر واحداً في النصرة والحماية ، وبينهما حلف أي عهد ، والحليف : المعاهد . والاظنة جمع ظنين ، وهو الرجل المتهم ، والظنة بالكسر . التهمة .

(9) الصبر : الحبس . والسمراء : القناة . والسمحة : اللينة التي تسمح بالهز والانعطاف . والابيض : السيف ، والعضب : القاطع . والمقاول : جمع مقول بكسر الميم : الرئيس ، وهو دون الملك ، كذا في المصباح عن ابن الانباري ، وقال السهيلي في الروض الانف : أراد بالمقاول آباءه ، شبههم بالملوك ، أقول : وفي لسان العرب القيل والمقول الملك سمي بذلك لانّه نافذ القول والأمر .

(10) الوصائل : ثياب مخططة يمانية كان البيت يكسى بها .

(11) الرتاج : الباب العظيم ، والنافل : فاعل من النافلة وهو التطوع .

(12) مُلِحّ : اسم فاعل من الح َّعلى الشيء : اذا اقبل عليه مواظباً .

(13) المعيبة : العيب والنقيصة .

(14) ثور : معطوف على رب الناس . وهو وثبير وحراء ، جبال بمكة . والبر : خلاف الاثم . وهو رواية ابن اسحاق وغيره ، أَقسَم بطالب البـر بصعوده في حراء للتعبد فيه وبالنازل منه .

(15) الاصائل جمع اصيلة والاصيلة : لغة معروفة في الاصيل . وهو ما بعد صلاة العصر إلى الغروب .

(16) موطى إبراهيم  عليه السلام  : هو موضع قدمه على الصخرة وجعلها الله تعالى آية .

(17) المعاذ بالفتح : اسم مكان من عاذ فلان بكذا ، اذا لجأ اليه واعتصم به . والمعيذ : اسم فاعل من أعاذه بالله أي عصمة به . وعادل : صفة معيذ ، بمعنى غير جائر .

(18) العُدّى جمع عاد من عدا عليه يعدو كما قالوا غاز وغُزَّى .

(19) أي والله لا نترك مكة ولا نظعن منها ، لكن امركم في هموم ووساوس صدر .

(20) الواو للقسم وفي قوله (وبيت الله) ، ونبزى جواب القسم على تقدير لا النافية ، فإنّها يجوز حذفها في الجواب كقوله تعالى : (تالله تفتؤ) أي لا تفتؤ . ونبزى بالبناء للمفعول ، أي نُغْلَب ونقهر عليه ، يقال أبزى فلان بفلان إذا غلبه وقهره ، كذا في الصحاح . ولـمّا : نافية جازمة ، والجملة المنفية حال من نائب فاعل نبزىوالطعن يكون بالرمح ، والنضال يكون بالسهم .

(21) ونسلمُه بالرفع معطوف على نبزى ، أي لا نسلمه ، من اسلمه بمعنى سلَّمه لفلان ، او من اسلمه بمعنى خذله . ونصرَّع ونُذهل بالبناء للمفعول . والحلائل : جمع حليلة وهي الزوجة .

(22) ينهض بفتح الياء وهو منصوب معطوفاً على نصرع ، والنهوض في الحديد عبارة عن لبسه واستعماله في الحرب . والروايا : جمع راوية ، وهو البعير او البغل او الحمار الذي يستقى عليه . وذات الصلاصل هي المزادة التي ينقلب فيها الماء ، وتسميها العامة الراوية . والصلاصل : جمع صلصلة بضم الصادين وهي بقية الماء في الاداوة . يريد : ان الرجال مثقلين بالحديد كالجمال التي تحمل المياه مثقلة ، شبه قعقعة الحديد بصلصلة الماء في المزادات .

(23) نرى بالنون من رؤية العين . والضغن بالكسر الحقد . وجملة يركب حال من مفعول نرى ، يقال للقتيل . ركب ردعه : اذا خر لوجهه على دمه . والردع بفتح الراء وسكون الدال : اللطخ والاثر من الدم والزعفران . ومن الطعن متعلق بيركب . والانكب : المائل إلى جهة ، واراد كفعل الانكب ، والمتحامل بالمهملة : الجائر والظالم .

(24) عمر الله مبتدأ والخبر محذوف أي قسمي ، وجملة لتلتبسن جواب القسم ، والجملة القسمية خبر انوقوله ان جد ان شرطية ، وجد بمعنى لج ودام وعظم ، وما موصولة ، وارى من رؤية البصر ، والمفعول محذوف وهو العائذ ، وجواب الشرط محذوف وجوباً لسد جواب القسم محله . والالتباس : الاختلاط والملابسة ، والنون الخفيفة للتوكيد ، واسيافنا فاعل تلتبس . والاماثل : الاشراف ، جمع امثل . والمعنى ان دام هذا العناد الذي اراه تنل سيوفنا اشرافكم .

(25) بكفي : تثنية كف ، والباء متعلقة بقوله تلتبس . وقوله : مثل الشِّهاب ، يريد انّه شجيع لا يقاومه أحد في الحرب ، كأ نّه شعلة نار يحرق من يقرب منه . والسَّميدع بفتح السين ، السيِّد الموطأ الاكناف . قال المبرد في اول الكامل : (معنى موطأ الاكناف : ان ناحيته يتمكن فيها صاحبها . والثقة : مصدر وثِقت به اثِق : إذا انتمنتهوالأخ يستعمل بمعنى الملازم والمداوم . والحقيقة : ما يحق على الرجل ان يحميه . والباسل : الشجيع الشديد الذي يمتنع ان يأخذه أحد في الحرب ، والمصدر البسالة ، وفعله بسُل بالضم . قال البغدادي : وقد حقق الله ما تفرسه أبو طالب يوم بدر .

قال البدري : على يد علي بن ابي طالب  عليه السلام خاصة حيث قتل نصف قتلى قريش في بدر وقد شارك المسلمين في النصف الاخر ولقد كان أبو طالب على عِلْم بالتّقدير الإلهي أنَّ ناصر النبي (صلى الله عليه وآله) هو ولده علي والأوصاف في البيت لا تنطبق إلا على علي  عليه السلام  ، وقد كان أهل الكتاب أيضا يعلمون أنَّ الله تعالى سيُؤيِّد النبي (صلى الله عليه وآله) المكي بعلي (أنظر حديث أبي طالب مع فاطمة بنت أسد في قصة ولادة النبي (صلى الله عليه وآله) وأيضاً قصة خيبر من هذا الكتاب) . وقد ورد اسم علي مقرونا باسم النبي في انجيل يوحنا الاصحاح الاول الفقرة 19 كما سيجئ ذكره .

(26) ما استفهامية تعجبية مبتدأ عند سيبويه وترك خبر المبتدأ ، وعند الاخفش بالعكس . وقوله : لا أبا لك يستعمل كناية عن المدح والذم ، ووجه الاول : ان يراد نفي نظير الممدوح بنفي ابيه ، ووجه الثاني : ان يراد انّه مجهول النسب ، والمعنيان محتملان هنا . والسيد من السيادة وهو المجد والشرف . وحاطه يحوطه حوطا . رعاه وفي الصحاح : (وقولهم فلان حامي الذمار ، أي اذا ذمر وغضب حمي ، وفلان امنع ذماراً من فلان . ويقال الذمار : ما وراء الرجل مما يحق عليه ان يحميه ، لانّهم قالوا : حامي الذمار كما قالوا حامي الحقيقة . وسمي ذماراً لانّه يجب على اهله التذمر له ، وسميت حقيقة لانه يحق على اهلها الدفع عنها . وظل يتذمر على فلان : اذا تنكر له واوعده) . والذرب بفتح الذال المعجمة وكسر الراء ، لكنه سكنه هنا ، وهو الفاحش البذي اللسان . والمواكل : اسم فاعل من واكلت فلاناً مواكلة : اذا اتكلت عليه واتكل هو عليكورجل وكل بفتحتين ، ووكلة كهمزة ، وتكلة ، أي عاجر بكل امره إلى غيره ويتكل عليه .

(27) أبيض : معطوف على سيد المنصوب بالمصدر قبله ، وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد ، وهكذا أعربه الزركشي في نكته على البخاري المسمى بالتنقيح لالفاظ الجامع الصحيح ، وقال : لا يجوز غير هذاوتبعه ابن حجر في فتح الباري ، وكذلك الدماميني في تعليق المصابيح على الجامع الصحيح ، وفي حاشيته على مغني اللبيب ايضا . وزعم ابن هشام في المغني : ان ابيض مجرور برب مقدرة وانها للتقليلوالصواب الاول ، والابيض هنا بمعنى الكريم . قال السمين في عمدة الحافظ : عبر عن الكرم بالبياض ، فيقال : له عندي يد بيضاء أي معروف ، واورد هذا البيت . والبياض اشرف الالوان ، وهو اصلها اذ هو قابل لجميعهاوقد كُنِّيَ به عن السرور والبِشر ، وبالسواد عن الغم ، ويستسقى بالبناء للمفعول ، والجملة صفة ابيض . والثمال : العماد والملجأ والمطعم والمغني والكافي . والعصمة : ما يعتصم به ويتمسك ، قال الزركشي : يجوز فيهما النصب والرفع . والارامل جمع ارملة وهي التي لا زوج لها ، لافتقارها إلى من ينفق عليها ، وقال ابن السكيت : الارامل : المساكين رجالاً كانوا او نساء . آل السهيلي في الروض الانف ج1  ص179: (فإن قيل : كيف قال ابو طالب : وابيض يستسقي الغمام بوجهه ، ولم يره قط استسقى به ، انما كانت استسقاءاته عليه الصلاة والسلام بالمدينة في سفر وحضر ، وفيها شوهد ما كان من سرعة اجابة الله له ؟ فالجواب : انّ أبا طالب قد شاهد ذلك في حياة عبد المطلب ما دله على ما قال) انتهى . قال ابن هشام : وحدثني من أثق به قال : أقحط أهل المدينة فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فشكوا ذلك إليه ، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)المنبر فاستسقى ، فما لبث أن جاء من المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدينة فصار حواليها كالاكليل ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسرّه ! فقال له بعض أصحابه : كأنّك يا رسول الله أردت قوله : وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للارامل ، قال : أجل .

(28) يلوذ صفة اخرى لموصوف سيد . والهلاك : الفقراء والصعاليك الذي ينتابون الناس طلباً لمعروفهم من سوء الحال ! وهو جمع هالك .

(29) نوفل هو ابن خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي ، وهو ابن العدوية ، وكان من شياطين قريش ، قتله علي بن أبى طالب يوم بدر .

(30) بميزان متعلق بجزى الله . والقسط بالكسر : العدل . وخسَّ يَخَس من باب ضرب : اذا نقص وخف وزنه فلم يعادل ما يقابله . وله أي للميزان ، شاهد أي لسان من نفسه ، أي من نفس القسط ، غير عائل صفة شاهد أي غير مائل ، يقال عال الميزان يعول : اذا مال .

(31) الصميم : الخالص من كل شيء . والذؤابة : الجماعة العالية ، واصله الخصلة من شعر الرأس .

(32) ألبوا : اجتمعوا ، والطمل : الرجل الفاحش .

(33) أقول : قوله (سينشر امرنا) الأمر هنا هو رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) ، ويفيد هذا البيت أنَّ أبا طالب كان على يقين أن رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) سوف تنتشر وتبوء كل محاولات قريش بالخذلان والبيت يؤكد أيضا إيمان أبي طالب برسالة النبي (صلى الله عليه وآله) .

(34) الغِب بالكسر: العاقبة. ويقال هذا الأمر لا طائل فيه،اذالم يكن فيه غناء ومزية، مأخوذ من الطول بمعنى الفضل.

(35) قال السهيلي : (يقال قوم براء بالضم وبراء بالفتح وبراء بالكسر : فأما براء بالكسر فجمع برى مثل كريم وكرام ، واما براء فمصدر مثل سلام ، والهمزة فيه وفي الذي قبله لام الفعل ، ويقال رجل براء ورجلان براءواذا كسرتها او ضممت لم يجز الا في الجمع ، واما براء بضم الباء فالاصل فيه برآء مثل كرماء واستثقلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا الاولى ، وكان وزنه فعلاء فلما حذفوا التي هي لام الفعل صار وزنه فعاء وانصرف لانّه اشبه فعالا) . والمعقة بفتح الميم : مصدر بمعنى العقوق .

(36) قال ابن هشام في السيرة : (زهير هو ابن أبي امية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم ، وامه : عاتكة بنت عبد المطلب) انتهى . وزهير هو المخصوص بالمدح مبتدأ ، وجملة نعم ابن اخت القوم هو الخبروغير مكذب بالنصب حال من فاعل نعم وهو ابن . والحسام : السيف القاطع وهو منصوب على المدح بفعل محذوف أي يشبه الحسام المسلول في المضاء ، والمفرد : المجرد . والحمائل : جمع حمالة وهي عُلاقة السيف

(37) الشَّمَم : ارتفاع في قصبة الانف مع استواء اعلاه ، وهذا مما يمدح به ، وهو اشَم من قوم شُمّ ، والبهاليل : جمع بهلول بالضم ، والبهلول من الرجال : هو الحيي الكريم .

(38) كلفت بالبناء للمفعول والتشديد : مبالغة كلفت به كلفا من باب تعب : اذا احببته واولعت به ، واراد ابوطالب باخوة النبي : اولاده جعفراً وعقيلاً وعلياً رضى الله عنهم ، فإن أبا طالب كان عم النبي (صلى الله عليه وآله) ، والعم أب فأولاده اخوة النبي (صلى الله عليه وآله) (اقول : مضافا الى انه تربى معهم في بيت واحد فهو اخوهم) . ودأب مصدر منصوب بفعله المحذوف أي ودأب المحب ، يقال فلان دأب فيعمله : اذا جد وتعب .

(39) الذب : الدفع ، والمشاكل : جمع مشكلة .

(40) (أي) هي الدالة على الكمال ، خبر مبتدأ محذوف أي هو ، والمؤمل الذي يرجى لكل خير : والتفاضل بالضاد المعجمة ، وهو التغالب بالفضل .

(41) أي هو حليم . والطيش : النزق والخفة : ويوالي الها أي يتخذه وليا ، وهو فعيل بمعنى فاعل . من وليه : اذا قام به . ومنه : (الله ولي الذين آمنوا) .

(42) الناصل : الزائل المضمحل ، يقال نصل السهم : اذا خرج منه النصل ، ونصل الشعر ينصل نصولا : زال عنه الخضاب .

(43) في النهاية : (يقال عُنِيتُ بحاجتك أُعنَى بها فأنا بها مَعنىّ ، وعُنيت بها فأنا عان ، والأول أكثر ، أي اهتممت بها واشتغلت) انتهى وهو من باب تعب .