السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية

الحلقة الأولى - صفحة 43

الفصل الثالث :

 الشيخ الصدوق والعقيدة الاثني عشرية

قوله :

ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الإمامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري.. حيث أبدى الشيخ محمد بن علي الصدوق شكه بتحديد الأئمة في اثني عشر إماما فقط وقال: (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماما ، واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده).

نقول :

ان قول الشيخ الصدوق هذا لا يدل على ما فهمه صاحب النشرة من عدم استقرار النظرية الإمامية الاثني عشرية حتى منتصف القرن الرابع لان كلام الصدوق هذا كان يتناول فترة ما بعد ظهور الثاني عشر (ع) ولم يكن نظره الى فترة القرن الرابع الهجري!!


صفحة 45

نص الشبهة

قال صاحب النشرة:

ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الإمامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري.. حيث أبدى الشيخ محمد بن علي الصدوق شكه بتحديد الأئمة في اثني عشر إماماً فقط / وقال (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً، واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده) إكمال الدين ص 77 (1) .


(1) الشورى العدد العاشر ص12. رجوع


صفحة 46

 

الجواب عنها

أقول وفيه:

أولا :

قوله (ولم تكن النظرية الاثنا عشرية مستقرة في العقل الإمامي حتى منتصف القرن الرابع الهجري..) مر الكلام في بيان خطأ ذلك في الشبهة الأولى وسيأتي المزيد من البحث في الشبهة السابعة.

ثانيا :

ان ما اسنده إلى الصدوق من شك في غير محله بل افتراء عليه..

إذ ان كلامه (رحمه الله) يدل على عكس ما ذكره عنه واليك أيها القارئ الكريم نص كلام الشيخ الصدوق :

" قالت الزيدية لا يجوز ان يكون من قول الأنبياء ان الأئمة اثنا عشر لان الحجة باقية على هذه الأمة إلى يوم القيامة ، والاثنا عشر بعد محمد (ص) قد مضى منهم أحد عشر، وقد زعمت الإمامية


صفحة 47

ان الأرض لا تخلو من حجة .

فيقال لهم ان عدد الأئمة (ع) اثنا عشر والثاني عشر هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ثم يكون بعده ما يذكره من كون إمام بعده أو قيام القيامة ولسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر (ع) بعده.

ويقال للزيدية أفيكذب رسول الله (ص) في قوله (ان الأئمة اثنا عشر)

فان قالوا ان رسول الله (ص) لم يقل هذا القول..

قيل لهم ان جاز لكم دفع هذا الخبر مع شهرته واستفاضته وتلقي طبقات الإمامية إياه بالقبول فما أنكرتم ممن يقول ان قول رسول الله (ص) (من كنت مولاه) ليس من قول الرسول (ص) " (1) . انتهى كلام الصدوق .

وقول الصدوق (رح) (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماما واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده) يؤكد عقيدته باثنى


(1) إكمال الدين ص 77ـ78. وسيأتي نظير ذلك من كلامه في الفصل الثالث. رجوع


صفحة 48

عشر اماما من أهل البيت أولهم علي (ع) وثاني عشرهم المهدي (ع) ثم تكون غيبته على مرحلتين إحداهما صغرى دامت تسعا وستين سنة والأخرى كبرى لا يعلم مداها إلا الله تعالى . ثم يبدي الصدوق تردده عن الحالة بعد ظهور المهدي واستتباب أمره هل سيعهد إلى إمام من بعده أو يكون يوم القيامة ثم يجيب عن ذلك : " أننا مستعبدون بالإقرار والتسليم لما يذكره الثاني عشر بعد ظهوره " .

ومنشأ تردد الصدوق فيما يجري بعد ظهور المهدي (ع) من أمر الإمامة هو الرواية التي أوردها الطوسي في كتابه الغيبة (1) انه سيكون بعد الاثني عشر إماماً اثنا عشر مهدياً وهي رواية ضعيفة السند بل إمارات الوضع ظاهرة عليها وهي معارضة من قبل الروايات التي تجعل من عهد ظهور المهدي وظهور عيسى (ع) آخر شوط من الحياة الدنيا.


(1) ص150. قال اخبرنا جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه،عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (ع). رجوع


صفحة 49

وتوجد أيضا روايتان أخريان في المهديين الاثني عشر :

الأولى : رواها الشيخ الصدوق عن الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن أبى حمزة ، عن ابي بصير قال :

" قلت للصادق جعفر بن محمد (ع) : يا ابن رسول الله (ص) سمعت من ابيك انه قال يكون بعد القائم اثني عشر مهديا ؟

قال : إنما قال : اثنا عشر مهديا ولم يقل اثنا عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس الى موالاتنا ومعرفة حقنا " (1).

الثانية : رواها الشيخ الطوسي عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الحميد ومحمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل انه قال :

" يا أبا حمزة ان منا بعد القائم احد عشر مهديا من ولد الحسين (ع) " (2).

وقد أورد الشيخ الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة الروايتين الانفتي الذكر إضافة الى ما رواه صاحب المصباح من دعاء الرضا(ع) هذا مضافا الى الرواية التي أوردناها في صدر البحث فيكون المجموع أربع روايات وقد علق على الرواية الأخيرة بقوله إنها من طرق العامة ، ثم علق عليها جميعا بقوله [وأما أحاديث الاثني عشر (أي بعد المهدي (ع)) فلا يخفى أنها غير موجبة للقطع أو اليقين لندورها وقلتها وكثرة معارضتها (3) ... وقد تواترت الأحاديث بان الأئمة الاثنا عشر وان دولتهم ممدودة الى يوم القيامة وان الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمة والخلف وان الأئمة من ولد الحسين الى يوم القيامة ونحو ذلك من العبارات فلو كان يجب علينا الإقرار بإمامة اثني عشر بعدهم لوصلت إلينا نصوص متواترة تقاوم تلك النصوص ينظر في الجمع بينهما(3)] (5) .

الخلاصة :

ان صاحب النشرة قد فهم من كلام الشيخ الصدوق ما لم يُرده الصدوق ولا تساعده عليه ولو قرينة ضعيفة فى أي كتاب من كتبه المطبوعة الكثيرة الميسرة لكل باحث هذا مضافاً إلى ان الصدوق قد كان في بيانه بصدد رد شبهة الزيدية على حديث الاثني عشر الذي كانوا يشككون في صدوره عن النبي (ص).


(1) إكمال الدين ج2 /27 ، البحار ج53 / 145. رجوع

(2) غيبة الشيخ الطوسي /478 ط مؤسسة المعارف الإسلامية. رجوع

(3) يريد رحمة الله الروايات التي تقول ان المهدي (ع) يموت قبل يوم القيامة بأربعين يوما . رجوع

(4) الايقاظ من الهجعة للحر العاملي ص 401 . رجوع

(5) وقد ذكر العلامة المجلسي في البحار وجهين في تأويل تلك الروايات كما اورد الحر العاملي في كتا|به ستة تأويلات . رجوع

 السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية