السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية

الحلقة الثالثة - صفحة 9

  المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين

وبعد فهذه الحلقة الثالثة من (شبهات وردود) وقد كرستها للرد على الجزء الاول من كتاب احمد الكاتب الذي طبعه مؤخراً في لندن سنة 1997 باسم (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى ... الى ولاية الفقيه) . 

وهو ثلاثة اجزاء في مجلد واحد يبطل بزعمه في الجزء الاول نظرية الامامة الالهية وينكر في الجزء الثاني ولادة المهدي (ع) وينفي في الجزء الثالث مسألة ولاية الفقيه وقضايا اخرى .

وقد نهجنا في الرد عليه النهج الذي نهجناه في الحلقتين السابقتين وهو ان نقتطع فقرة تامة المعنى من كلماته ثم نرد عليها.

ان الانطباع العام الذي خرجنا به عند مطالعتنا للكتاب باجزائه


صفحة 10

الثلاثة هو ان الاستاذ الكاتب قد خلط بين قضيتين ترتبطان بأهل البيت (ع) .

الاولى : قضية كونهم قد نصبهم الرسول (ص) بأمر الله تعالى شهداء على الناس وائمة هدى مطهرين يؤخذ بقولهم وفعلهم وتقريرهم وحفظة للشريعة وانهم في هذا الموقع امتداد للرسول (ص) الا انهم ليسوا بأنبياء وانهم اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل ، وان الثاني عشر منهم صاحب العمر الطويل كنوح ، وصاحب الغيبتين (1) كعيسى ، وانه صاحب الوعد الالهي الذي بشرت به الانبياء وهذه القضية لا مجال لغير النص او النص والمعجز فيها .

الثانية : قضية كونهم في زمانهم اولى الناس بالحكم وان هذه الاولوية اولوية اختصاص بمعنى انه لا يجوز لغيرهم التصدي لذلك الا بإذنهم ، وانهم قد اذنوا للفقهاء من حملة علومهم ان يمارسوا ذلك في زمان الغيبة ، وهذه القضية لا مجال فيها ايضا لغير النص ولكن فرقها عن القضية الاولى ان للامة هنا دور ومشاركة في الحكم من جهة ان الامة لها الدور الاساسي في تمكين المنصوص عليه ليقيم الحكم في المجتمع على اساس الكتاب والسنة وان الحاكم حتى لو كان نبيا او


(1) اشرنا اليهما في الحلقة الثانية الفصل الاول .


صفحة 11

وصيا يأخذ برأي الامة في القضايا التنفيذية العامة وقد بيَّن علماء كبار امثال الشيهد الصدر (رح) ذلك  (1) وفي ضوء ذلك فانه في هذه الزاوية لا تعارض بين النص والشورى ، حيث يضطلع النص بتشخيص من له حق الحكم وتضطلع الامة بنصرة المنصوص عليه والبيعة له والمشورة عليه في القضايا التنفيذية العامة بالحدود التي بينتها سيرة النبي (ص) واستنبطها الفقهاء .

وليس من شك ان القضية الاولى قضية عقائدية دلت عليها نصوص القرآن والسنة وتكون الامامة المعروضة لاهل البيت (ع) فيها نظير امامة ابراهيم (ع) وكما ان امامة ابراهيم (ع) حصرت في ذريته وفي عدد محدد منهم وهم الذين طهرهم الله تعالى ونظير الامامة في ذرية هارون وكون الائمة المتأخرين منهم بعضهم اضطلع بموقع الامامة والشهادة على الناس وهو صبي دون العاشرة وهو يحيى (ع) ، وبعضهم اضطلع بموقع الحجة على الناس وهو دون ذلك كعيسى (ع) صاحب الغيبتين والظهور في آخر الزمان كذلك الحال في امامة اهل البيت (ع) فهي في عدد محدود من اسرة النبي (ص) وكون الائمة المتأخرين منهم نظراء ليحيى وعيسى (ع) في صغر السن والغيبة والظهور آخر الزمان .


(1) انظر كتابه الاسلام يقود الحياة ص 162 .


صفحة 12

اما القضية الثانية فهي قضية فقهية الا فيما يرتبط بانحصار حق الحكم بالاثني عشر (ع) فانها من لواحق المسألة العقائدية اما ما عدى ذلك من قبيل ما هي حدود القضايا العامة التي يأخذ المعصوم الحاكم فيها برأي الامة ؟ وما هي شروط انعقاد البيعة على الحكم او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واسقاط الحكومة الظالمة ؟ وغير ذلك فهي مسائل فقهية تستنبط من سيرة المعصوم .

ولقد خلط الاستاذ الكاتب بين هاتين القضيتين كما خلط اغلب علماء السنة واعتبر المسألة التي ترتبط بأهل البيت (ع) ورفع شعارها الشيعة انما هي القضية الثانية ومن هنا جاءت اشكالاته واشكالات غيره حول تحديد الائمة بعدد معين ، وكيف يكون الجواد (ع) والهادي والمهدي ائمة وهم دون العاشرة او كيف تحصر باسرة معينة وغير ذلك .

والى جانب قضية الخلط هذه وهي قضية مركزية في الكتاب باجزائه الثلاثة هناك ظواهر اخرى من قبيل ظاهرة الخطأ في فهم بعض الروايات وكلمات الاقدمين من علماء الشيعة .

وظاهرة الاشتباه بالرواية العامية التي توجد في الكتاب الشيعي على انها رواية شيعية وقد اوردها المؤلف الشيعي كالسيد المرتضى


صفحة 13

رحمه الله في كتابه الشافي للرَّد عليها لا على انه يعتقد بها وغير ذلك مما نبهنا عليه في الحلقتين الماضيتين وفي هذه الحلقة القائمة بين يديك ايها القارئ الكريم ، أرجو ان تحقق غرضها في الانتصار لمذهب اهل البيت وارجو ان يجعلها ذخراً وزاداً يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم .

سامي البدري

قم / 14 رجب /1418 هجـ .

 السابقالتاليالمحتوياتالصفحة الأساسية