المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثاني: تراجم أصحاب الموسوعات التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد

أبو حيان التوحيدي

قال الذهبي في - أبوحيّان التوحيدي الضال الملحد  (1) ، أبوحيّان ، علي بن محمد بن العباس ، البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية . قال ابن بابي في كتاب "الخريدة والفريدة" : كان أبوحيّان هذا كذّاباً قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان ، تعرَّض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل ، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الإعتقاد ، فطلبه ليقتله ، فهرب ، والتجأ إلى أعدائه ، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه ، ثمَّ عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته ، وما يبطنه من الإلحاد ، ويرومه في الإسلام من الفساد ، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح ، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح ، فطلبه الوزير المهلبي ، فاستتر منه ، ومات في الاستتار ، وأراح الله منه ، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية .

وقال أبوالفرج بن الجوزي : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبوحيّان التوحيدي ، وأبوالعلاء المعري ، وأشدَّهم على الإسلام أبو حيّان ، لأنَّهما صرَّحا ، وهو مجمل ولم يصرِّح .

قال الذهبي : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرمّاني ، ورأيته يبالغ في تعظيم الرمّاني في كتابه الذي ألَّفه في تقريظ الجاحظ ، فانظر إلى المادح والممدوح ! وأجود الثلاثة الرمّاني مع اعتزاله وتشيُّعه .

وأبوحيّان له مصنَّف كبير في تصوف الحكماء ، وزهاد الفلاسفة ، وكتاب سمّاه" البصائر والذخائر" ، وكتاب "الصديق والصداقة" ، مجلد ، وكتاب "ا لمقابسات" ، وكتاب : "مثالب الوزيرين" - يعني ابن العميد وابن عباد - وغير ذلك وقال ابن النجار : له المصنفات الحسنة كالبصائر وغيرها . قال : وكان فقيراً صابراً متديناً ، صحيح العقيدة .

قال الذهبي : قد سمع منه أبوسعد عبدالرحمن الأصبهاني ، وذلك في سنة أربع مئة ، وهو آخر العهد به .

وقال أبونصر السجزي الحافظ فيما يأثره عنه جعفر الحكاك : سمعت أبا سعد الماليني يقول : قرأت الرسالة - يعني المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي عليه السلام - على أبي حيّان ، فقال : هذه الرسالة عملتها ردّاً على الرافضة ، وسببه أنَّهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء ، وكانوا يغالون في حال علي ، فعملت هذه الرسالة .

قال الذهبي : وقد رأيتها وسائرها كذب بيِّن  (2) .

رواية ابن ابي الحديد عنه :

ج10/108-110 نقله من كتاب البصائر خبر ذي الشهادتين المقتول في صفين وانه غير ذي الشهادتين ومناقشته له .

ج10/271-287 قصة الرسالة التي اشار اليها الذهبي آنفا .

ج13/نقل من كتابه تقريظ الجاحظ وصية العباس لعلي عليه السلام .

وقد أوردناها جميعا في الباب الثالث .

______________________

(1) قال ياقوت في "معجم الأدباء" : وكان يتألَّه ، والناس على ثقة من دينه .

(2) الذهبي : سير أعلام النبلاء ج17/119 - 123 .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري